فضاء ثقافي يحتفي بجماليات الأدب العربي. نقدم في هارموني الحروف دراسات نقدية، نصوصا سردية (قصص قصيرة وتجريبية)، وشعرا مرهفا. نغوص في فلسفة الأدب وتحليل الخطاب لنصنع محتوى خالدا. انضم إلينا لتبادل الرؤى في واحة الفكر والإبداع.

نساء لطفية الدليمي: عوالم متشظية بين الحنين والتمرّد - قراءات متقاطعة في "النساء الوحيدات"

 

مجلة هارموني الحروف

كتاب "النساء الوحيدات" للكاتبة العراقية *لطفية الدليمي* أثار جدلا أدبيا وفكريا بين قرائه، حيث قدمت لوحات إنسانية لنساء يعشن واقعا مريرا بين الحب المفقود والوحدة القسرية. تباينت آراء القراء بين الإعجاب بالأسلوب الأدبي الراقي والنقد للمضمون الذي يراه البعض تقليديا أو محكوما بسياق زمني معين. في هذا المقال، نستعرض انطباعات قراء من خلفيات مختلفة، جمعتهم تجربة القراءة في نقاش ثري.  

 1. صوت المرأة المفقود: بين البكاء والثورة 

*خديجة زواق* (فاس/ المغرب) تنتقد ضيق العالم الروائي وتقول:  

> "بحثتُ عن صوت امرأة طافح وثائر، صوت شعري يكسر طقوس حاضر العراق... لكن الرواية قدمت نماذج باكية، مرتبطة برجال حتى في معاناتها. أين حدائق بابل المعلقة وأساطير عشتار؟".  

هنا يبرز سؤال عن مدى قدرة الأدب النسوي على تجاوز الصورة النمطية للمرأة "الضحية" إلى نموذج أكثر تمكينا.  

 2. إضاءة على المعاناة دون اتهام

في المقابل، يرى * بورقبي عبد الجبار* (الدار البيضاء) أن الكاتبة نجحت في:  

> "فضح قسوة المجتمع دون اتهام مباشر، تاركة للقارئ حرية التحليل. الرواية تعكس معاناة النساء ببلاغة، لكنها لا تقدم إجابات جاهزة".  

هذا الرأي يؤكد على قوة الأدب في طرح الأسئلة دون وصاية.  

3. الوحدة اختيار أم واقع مفروض؟ 

*حبيبة الخشاني* (الدار البيضاء) تشير إلى تناقض في الرواية:  

> "الوحدة اختيار البطلات لحماية كرامتهن، لكنهن يبقين أسيرات لهوس بالرجل رغم تعليمهن العالي. ربما يعكس هذا واقع الثمانينات في العراق".  

هنا يتجلى الصراع بين التحرر والقيود الاجتماعية.  

4. جدلية الحب والدين

ليلى ازعيزاع * (العيون) تعترض على تمجيد الحب في النص:  

> "الرواية غارقة في تبجيل الحب كمعبود، متجاوزة قيم الدين والحياء. أسلوبها شعري أخّاذ، لكن المضمون يكرّس للحزن والهزيمة".  

هذه القراءة تفتح نقاشا عن حدود الحرية الأدبية في مجتمعات محافظة.  


5. نظرة نقدية: هل الرواية "رجعية"؟

صباح بنجلون * (الصخيرات) تطرح سؤالا جريئا:  

> "لو كُتبت رواية بعنوان 'الرجال الوحيدون'، كيف سيكون وصفهم؟ التركيز على الزواج كهدف وحيد للمرأة المثقفة ينم عن نظرة متخلفة".  

هذا التعليق يسلط الضوء على ضرورة مراجعة الصور النمطية في الأدب النسوي.  


خلاصة القول: النساء الوحيدات" مرآة تعكس أحلام النساء المعلقة بين الماضي والحاضر. وتكشف هشاشة الخط الفاصل بين الوحدة والحرية. إنها دعوة للتأمل في دور الأدب، ليس فقط كأداة لتوثيق المعاناة، بل كفضاء للبوح، ولإعادة تشكيل المصائر بعيدا عن قيود التقاليد والصور النمطية. فهل الوحدة قدر أم اختيار؟ وهل يمكن للأدب أن يكون جسرا نحو التحرر، لا مجرد مرآة تعيد إلينا أوجاعنا بصورة أخرى؟ تبقى هذه التساؤلات مفتوحة، تماما كأبواب الأمل التي تطرقها الحكايات في كل مرة تُروى من جديد.


*مجلة هارموني الحروف*  

✒️ مارس 2025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق