فضاء ثقافي يحتفي بجماليات الأدب العربي. نقدم في هارموني الحروف دراسات نقدية، نصوصا سردية (قصص قصيرة وتجريبية)، وشعرا مرهفا. نغوص في فلسفة الأدب وتحليل الخطاب لنصنع محتوى خالدا. انضم إلينا لتبادل الرؤى في واحة الفكر والإبداع.

إيقاعات الحرف: حوار مع كاتب يعزف ألحان الواقع

 

مجلة هارموني الحروف

في عالم الأدب، كما في الموسيقا، يبحث الكاتب عن نغمة خاصة، عن إيقاع يميزه وسط ضجيج الحياة. بعض النصوص تُكتب كأنها معزوفات، تتناغم فيها الكلمات وتتراقص الأفكار بين الواقع والخيال. في هذا الحوار، نلتقي بكاتب شاب يُكَوِّنُ بقلمه لحن الهامش، ويعزف قصص التهميش والمعاناة، متنقلا بين السرد المباشر والتجريب، بين الألم والأمل، وكأن كتاباته سيمفونية حزينة تعكس صراعات الحياة. فكيف يرى الأدب اليوم؟ وما النغمة التي يحاول عزفها في مشواره؟

1. بدايةً، زهير بوعزاوي حدثنا عن نفسك وعن رحلتك في عالم الكتابة والأدب.

- أنا كاتب شاب من الهامش، من أصغر نقط الوطن، حيث لا ثقافة ولا كتاب ولا ندوة... والرحلة ما زلت في بدايتها، وحين أصل مبتغاي ربما أحكي للجميع عن مشقة الرحلة.

2. كيف بدأت علاقتك بالكتابة، وما الذي دفعك لخوض هذا المجال؟

علاقتي بالكتابة بدأت حين كتبت تعليقًا في الفيسبوك باللغة العربية لأحد الأصدقاء. لاحظت أنني كونت جملاً بليغة بلغة رائعة، ما دفعني إلى كتابة خواطر بسيطة وشذرات رديئة، تطورت فيما بعد إلى كتابة جميلة وأنيقة. أما الدافع للكتابة فهو فرض الذات في مجتمع لا يؤمن بالكتابة.

3. لديك مجموعة قصصية بعنوان "قرية أجلموس" صادرة عن دار واو للنشر والتوزيع – ما الذي يميز هذه المجموعة؟ وما القضايا التي تتناولها؟

"قرية أجلموس" هي مجموعتي القصصية الأولى والفائزة بجائزة مؤسسة هبة بنداري في مصر، وهي باكورة أعمالي والفلذة القريبة إلى قلبي لأنها تحمل اسم القرية التي ولدت فيها. تعالج هذه المجموعة قضايا التهميش والإقصاء والمعاناة والفقر في قريتي الصغيرة.


4. روايتك "نوريتا" صدرت عن نفس الدار، ما الذي ألهمك لكتابتها؟ وهل تعكس أي تجارب شخصية أو أحداث حقيقية؟

نوريتا هي رواية كلاسيكية تتحدث عن عازفة الكمان التي ستصطدم بجماعة طالبان في أفغانستان بعد وصولهم للحكم، سيحاولون قتلها لأن العزف حرام. وهي تعكس تجربة حقيقية لكن بأحداث مختلفة وشخصية متخيلة.


5. "آلة الوتر" هو عنوان مجموعة قصصية أخرى لك – لماذا اخترت هذا العنوان، وما رمزيته في سياق المجموعة؟

آلة الوتر هي احتفال بأعظم آلة أمازيغية "الوترة" هي آلة صوفية رائعة النغم وشجية العزف، كما أقول دائمًا "آلة الوتر" نزلت من السماء ولم يتدخل بشري في صناعتها. أما رمزيته في المجموعة تكمن في التفرد والصمود.


6. في مجموعتك "مدينة الحزن" الصادرة عن اتحاد أدباء وكتاب ميسان – العراق، يبدو العنوان محمّلاً بالكثير من المشاعر. هل يمكننا اعتبارها مرآة للواقع أم أنها خيال محض؟

"مدينة الحزن" مجموعتي الفائزة بالجائزة الثالثة في مسابقة اتحاد أدباء وكتاب ميسان في العراق، مجموعة مترعة بالحزن والأسى والفقد، وهي تلخص واقع مجتمع برمته عبر قصص منفصلة لكن تيمتها الموحدة الحزن.


7. كيف ترى تجربة النشر في دور النشر المصرية والعراقية؟ وما الفرق بينهما من حيث الدعم والتوزيع؟

دور النشر المصرية تساهم في نشر الأعمال مجانًا كما حدث مع أعمالي التي تبنتها الدور دون أن أدفع مليمًا واحدًا. وهناك دعم للكتاب الشباب ورغم ذلك فهناك معضلة بالنسبة للنسخ وشحنها وكذلك عدم معرفة كم النسخ المطبوعة أو المبيوعة.


8. هل هناك خيط مشترك يربط بين أعمالك الأدبية، سواء في الأفكار أو الأسلوب؟

كل أعمالي تتسم بالواقعية وتكتب انطلاقا من الواقع المعاش والحياة اليومية، ورغم ذلك فهناك تنوع في الأفكار والتيمات.


9. ما القضايا التي تحرص على تسليط الضوء عليها من خلال كتاباتك؟

التهميش، الفساد السياسي، الفقر، هشاشة قطاع الصحة، المعاناة...



10. هل تميل إلى استخدام الرمزية في كتاباتك، أم أنك تفضل السرد المباشر؟

السرد المباشر مع القليل من التجريب.


11. ما أبرز الصعوبات التي واجهتها في مسيرتك الأدبية، سواء في الكتابة أو النشر؟

مواجهة المجتمع، العائلة، البيئة، كذلك الموقع الجغرافي، لكن مع الاصرار تغلبت على كل شيء.



12. كيف ترى واقع الأدب العربي اليوم؟ وهل تعتقد أن الكتاب الشباب يواجهون تحديات مختلفة عن الأجيال السابقة؟

الأدب العربي في تحسن مع كثرة دور النشر والجوائز الأدبية المحفزة للشباب والكتاب بصفة عامة. نعم تحديات كبيرة مع تفشي التفاهة.



13. هل لديك مشاريع أدبية جديدة قيد الإعداد؟ وما الذي يمكن أن يتوقعه القرّاء منك في المستقبل؟

قريبا هناك رواية إن كتب لها أن تخرج للنور، وسأعلن عنها فور قبولها من لدن وزارة الثقافة، وستنشر في وطني بعد غربة دامت سنين.



14. ما النصيحة التي تقدمها للكتّاب الشباب الذين يسعون للنشر وتحقيق الانتشار؟


الإيمان بالنفس والكتابة الجادة والملتزمة، الإكثار من القراءة والتوجه للجوائز الأدبية وعدم الدفع مقابل النشر مهما كان المبلغ.


في عالم تتشابك فيه الأصوات، يسير زهير بوعزاوي بمشروعه الأدبي بخطى ثابتة، محاولا إيجاد نغمته الخاصة وسط ضجيج العالم. بين الواقعية والتجريب، وبين التهميش والحلم، تتردد كلماته لتحاكي نبض الحياة وصراعاتها. ومع وعوده بمشاريع جديدة تلوح في الأفق، يبقى السؤال: أي ألحان جديدة ستعزفها كلماته في المستقبل؟ نحن في هارموني الحروف ننتظر القادم بشغف، ونشكر الكاتب على هذا الحوار الملهم، الذي أضاء لنا بعضا من رؤيته ومسيرته الأدبية.


حاورته: نور الإيمان رزيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق