فجأةً تحرّكَ الغصنُ
فجأةً،
تحرّكَ
الغصنُ
قلتُ:
لرُبّما اتّكأتْ عليهِ رياحٌ مُسافِرَةٌ
رياحٌ تركَتْ
خلفَها الطّواحين في أمستردام
وهجرَتْ
مزهريّاتِ النّوافذِ في برلين
ولم تُطل
مُكوثَها في باحةِ المسجِدِ الأٌقصى.
هل فيك شيءٌ
من ضريح عليّ؟
هل حرّكتِ
خصلةً من شعرِ شهرزاد؟
هل أعجبتكِ
حديقتي؟
أم أنّني
محطّةٌ
وأنتِ
على
سفرٍ؟
***
كُلّما هبّتِ
الرّيحُ
كلما سَمِعتُ نايًا في الجوارِ
تَفقَدتُ حنْجَرَتي
وكلما أبصرت امرأةً تُسلّي عَتَبَة بابِها
بالماءِ
تصعد في عروقي اللهفةُ إليه، وكأنَّه مني.
يعرفُني الفجرُ عندما يستيقظُ مثل طفلٍ صغيرِ
فيستلقي على كتفي
تعرفُني الشَّمسُ أيضًا،
أقودها كل غروبٍ إلى بيتها مُتعبةً.
على يديَّ
كبرَت الـ"آه، يا ويلي"،
وصارَتْ لها
عائلةٌ من المَواويلِ
وعل مقربةٍ
منّي، شاخَتِ الأمنياتُ وهُجِّرَت
وكلّما هبّتِ
الرّيحُ تمايلت
لهذا
يظن
النَّاسُ
دائما
أنني
من قصبٍ.
***
هي الحياةُ
فكرةٌ في رأسِ مُهرٍّج يتوازنُ على وجودٍ قلقٍ
شتيمةُ ثَمِلٍ سرقوا طريق عودتِه في ظلمةِ
السيركِ
ضحكة تتوحش في صرخة المجانين.
هي ذاتُها
عثرةُ الغافلِ في حصى الأقدارِ
شهقته مجاز الألم
ودمه السيال
من الأثر
إلى الأثر.
***
في شجارٍ مع الموتِ
آتِيًا إليكِ من ضربةِ شمسٍ وضربةِ حجارةٍ
من عثرةٍ في شرودٍ
من غفلةٍ في حفرةٍ
من طينٍ وعظامٍ مكسرةٍ
ومن لحاءٍ
قدره أن يستيقظ بأظافري في صباحٍ مبكّرٍ.
آتيًا إليكِ من نهارٍ ليس على ما يرام
معصوبًا ويمشي بي على إسفلت ذائب
ويتلمظ لحمي
من مساءٍ أصله ولست أنا الذي تعرفين
ليس وجهي
وليس صوتي الذي فقدته في شجارٍ مع الموت.
***
أشباهي الذين يتساءلون
لمن هذه المدينة التي يُهرِّب حجارتها اللصوص
وتطمر في الآبار المهجورة أغانيها ؟
لمن هذا الشارع الذي يسلكه الغزاة في الليل
وبيت من هذا الذي تلوكه مطارقهم ؟
أي بلاد هذه التي لم تعد لي
والتي ما زلت فيها حيًّا إلى الآن
ولا أرزق إلا نواعيها!
يا أشباهي الذين يتساءلون مثلي
تعالوا لكي نجتمع عند نخلة كلما أحرقوها
صار رمادها رُطَبًا وطار سعفها في الفضاء.
تعالوا لنتقاسم الصبر
ونتبادل المديحَ على صمودنا.
تعالوا لنعوي في الليل مثل ذئاب البراري
ونتسلل بعوائنا إلى راحة القتلة.
تعالوا في النهار
تعزز الخنادق بصرخاتنا
ونترك عظامنا في الفخاخ تؤدب أناشيدهم.
تعالوا
إن وجدتم ما تبقى من بلادكم
ربما
لن
تجدوني.
***
كتعويذةٍ ممحيّةٍ من على الجدارِ
غدًا ستلقاك الفتياتُ عائدات من نزهةٍ في
الريحِ
وتلقي عليك السلام أعين العابرين من موعدٍ
إلى موعدٍ،
غدا، حين يطبقُ الدهرُ ظهرَكَ
مثل دفترٍ سجّلُوا فيه تواريخَ بائسةً
ومغامرات لن يقرأَها أحدٌ
ستُرْكَنُ عند باب البيت
كتنويمةٍ للزقاق الذي يسهر وحده دائمًا،
وتُنسى
كتعويذةٍ ممحيَّةٍ من على الجدار
كل غدٍ عقابٌ وخذلانٌ
كل غدٍ فخاخ، وعلى عمى يمشي الماشون
كل غدٍ نسيان تحوكه العناكب على المقاسات
كل غد خطوة إلى رحى الدهر
ورحاه دوّارة لا تستريح.
غدًا حين تقعد عند الباب، عاجزًا
لن يراك أحدٌ
سوی
أنّ
الدنيا
كلَّها
ستمرُّ

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق