وَلَمَّا أَيْقَنَتْ مِنِّي رَحِيلًا
وَصِدْقَ العَزْمِ فِي سَفَرٍ بَعِيدِ
إِلَى بَلَدِ الفِرَنْجَةِ لَا لِلَهْوٍ
وَلَكِنْ سَعْيَ ذِي طَلَبٍ مَجِيدِ
أَتَتْنِي وَالذُّهُولُ لَهَا لَزِيمٌ
تُذَكِّرُ بِالوَثِيقِ مِنَ العُهُودِ
كَئِيبًا كَالثَّكُولِ جَرَى عَلَيْهَا
قَضَاءُ اللهِ فِي فَقْدِ الوَحِيدِ
وَعَزَّ عَلَيَّ يَا لَهْفِي بُكَاهَا
وَلَطْمُ الصَّدْرِ مِنْهَا وَالخُدُودِ
وَشَقُّ الجَيْبِ يَوْمَ تَقُولُ مَنْ لِي
إِذَا مَا غِبْتَ يَا نَبْضَ الوَرِيدِ؟
وَقَدْ كُنْتَ الجَلَاءَ لِكُلِّ هَمِّي
وَبَدْرَ التّمِّ فِي لَيْلِي المَدِيدِ
فَأَعْيَانِي الجَوَابُ وَقَامَ دَمْعِي
يُجَاوِبُ دَمْعَهَا جُودًا بِجُودِ
عَذِيرِي مِنْ عَذُولٍ فِي هَوَاهَا
لَجُوجٍ فِي غِوَايَتِهِ عَنِيدِ
يَقُولُ: أَ غَرَّ قَلْبَكَ مِنْ سُلَيْمَى
تَوَرُّدُ وَجْنَةٍ وَقَوَامُ غِيدِ؟
فَهَلَّا مِنْ بِلَادِ الرُّومِ خُودًا
مَلِيحَاتِ القُدُودِ وَأَيُّ خُودِ؟
نَوَاعِمَ بِالتَّصَابِي آسِرَاتٍ
قُلُوبَ الإِنْسِ وَالجِنِّ العَتِيدِ
لَحَاهُ اللهُ جِلْفًا لَيْسَ يَبْغِي
لَدَى الأُنْثَى سِوَى مَا تَحْتَ جِيدِ
وَلَوْ ذَاقَ الغَرَامَ لَقَالَ: أَهْلًا
بِدَمْعٍ ثَرَّ مِنْ طَرْفٍ سَهِيدِ
وَحَقِّ جَلَالِ مَنْ بُعَثَ اصْطِفَاءً
إِمَامَ الرُّسْلِ بِالدِّينِ الرَّشِيدِ
لَئِنْ خُيِّرْتُ لَا أَخْتَارُ إِلَّا
سُلَيْمَى، أَوْ فَيَا دُنْيَايَ بِيدِي
فَيَا أَفْرَاحُ، عُودِي، أَوْ فَإِلَّا
بِلَا سَلْمَايَ أنْسًا لَا تَعُودِي
وَيَا زَمَنًا حَبَانِي بِالرَّزَايَا
شِدَاد الوَطْءِ مِنْ دُونِ العَبِيدِ
أَمِنْ بَعْدِ الهَوَى وَجَوَى فُؤَادِي
وَتَشْتِيتِ الحَبَائِبِ مِنْ مَزِيدِ؟

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق